الخميس، 12 نوفمبر 2009

مواويل و تناتيش للابنودى

المواويل
أنا باشكر اللى خلق لى الصوت وأوصانى
أقول كلام حُرّ.. مايقبلْش لون تانى
مااسكتش ع الضِّيم واهشّ الغيم بقولة «آه»
وإن سرقوا صوتى.. بينسوا ياخدوا قولة «آه»
فى الفرْح فى الجرح إيه حيلتى إلاّ قولِة «آه»
يحميك يا ولدى وكنت اسكت وتتكلم
يحميك يا ولدى واكون مجروح وتتألم
ياما حرسْت النهار.. آدى النهار.. ضلِّم
وإن شفت جرح الوطن جوّه الفؤاد علم
تقول كلام.. ياسلام.. يحيينى من تانى!!
■ ■ ■
أنا كان لى ورْدات عجب.. كبّرتها بايدى
أسقيها بالدمع بالدم اللى فى وريدى
جانى غشيم القدم وداس على ورودى
أخدم جناينى فى بستانى يا ناس إزاى؟
وإن نمت ناسى باقوم فاكر يا ناس إزاى؟
مين مرّر الشاى فى شفايفى وبكى الناى؟
ياليل يابو الهمّ.. تحتك دم.. ما تحاسب
وقوللّى إمتى يا ليل.. وفين حنتحاسب؟
إزاى بلادى تبات ليلة مع الغاصب
وإزاى يدوس وردها.. واقولّه: «ياسيدى؟!
■ ■ ■
مدّ الأمل سِكِّتُه.. وقالِّنا: «سيروا
نصيبكو حيصيبكوا تمشوا والاَّ حتطيروا
عيشوا النهارده الزمن.. بكره زمن غيره
آدى أول السكة صوت الضحكة بيلالى
والشمس أمشيلها ألاقيها اللى ما شيالى
ولا حدّ يقدر يعكّر قلبنا الخالى
لكن ومين بكرة يعرف إحنا فين فيها؟
هيه حتدينا والا احنا حندّيها؟
وإيه نصيبنا من الأيام ولياليها؟
غاب الزمن فى الزمن.. واحنا بِلا عزوة
ولا نملك الا نماشى السكة ونسيروا»!!
■ ■ ■
ويا مصْر وان خيّرونى ما اسكن الاَّكى
ولاجْل تتبِّسمى.. يا ما بابات باكى
تسقينى كاس المرار.. وبرضُه باهواكى
بلدى ومالى الّا إنتى ولو ظلمتينى..
مقبولة منِّك جراح قلبى وْدموع عينى
الجرح يشْفَى إذا بإيدك لمستينى..
كلّك حلاوَة.. وكلمة «مصر».. أحلاكى!!
■ ■ ■
التّناتيش
من يمدحُه يطلع خاسر
ويشبَّروله.. أيامه
يعيش جمال عبدالناصر
يعيش بصوته وأحلامه فى قلوب شعوب عبدالناصر
■ ■ ■
مش ناصرى ولا كنت ف يوم
بالذات فى زمنه وف حينه
لكن العفن وفساد القوم
نسّانى حتى زنازينه.. فى سجون عبدالناصر
■ ■ ■
إزاى ينسّينا الحاضر..
طعم الأصالة اللى فى صوته؟
يعيش جمال عبدالناصر
يعيش جمال حتى ف موتُه ما هو مات وعاش عبدالناصر!!
■ ■ ■
إسمه جمال وجميل فعلاً
ياما شفنا شجعان خوّافه
عظيم.. وكان إنسان طبعاً
المجد مش شغل صحافة علشان ده عاش عبدالناصر
■ ■ ■
أعداؤه كرهوه ودى نعمة
مِن كرهُه أعداؤه صادق
فى قلبه كان حاضن أمَّه
ضمير وهمَّة ومبادئ ساكنين فى صوت عبدالناصر
■ ■ ■
ملامحنا.. رجعت بعد غياب
دلوقت بس اللى فهمناه
لا كان حرامى ولا كداب
ولا نهبها مع اللى معاه أنا باحكى عن عبدالناصر
■ ■ ■
عشنا الحياة ويّاه كالحلم
فلا فساد ولا رهن بلاد
يومها انتشينا ثقافة وعلم
وف زمنه ماعشناش آحاد كنا جموع فى زمن ناصر
■ ■ ■
كان الأمل فى خُضرِتُه بِكْر
مافيش لصوص للقوت والمال
ومصر أبطال ورجال فكر
ومثقفين ستات ورجِال جيوش جمال عبدالناصر
■ ■ ■
كان الهلال فى قلبه صليب
ولا شفنا حزازات فى بلادنا
ولا شُفنا ديب بيطارد ديب
ولا جرَس خاصم مادنة وَحَّدْنا صُوت عبدالناصر
■ ■ ■
دفعنا تمن الحريّة
بدمّ مش بدينار ودولار
يوم وقفته فى «المنشيّة»
خلّى الرصاص يهرب من عار أعداء جمال عبدالناصر
■ ■ ■
رغم الحصار كنا أحرار
وفى الهزيمة الشعب ماجعْش
كان اسمها «بلد الثوار»
وقرار زعيمها مابيرجعْش قرار جمال عبدالناصر
■ ■ ■
خلَّى بلادُه.. أعزّ بلاد
ليها احترام فى الكون مخصوص
لا شفنا وسط رجالُه فساد
ولا خطط سمسرة ولصوص كان الجميع عبدالناصر
■ ■ ■
لولاه ماكنتوا اتعلمتوا
ولا بقيتوا «دراكولا»
ياللى انتو زعما وإنجازكو
دخّلتوا مصر الكوكاكولا وبتشتموا ف عبدالناصر
■ ■ ■
عمره ما جاع فى زمانه فقير
أو مالتقاش دوا للعِلّة
دلوقت لعبةْ «اخطف طير»
والأمة فى خِدْمةْ شِلَّة تكره جمال عبدالناصر
■ ■ ■
يتّريقوا على طوابيرُه
علشان فراخ الجمعية
شوفوا غيره دلوقت وخيرُه
حتى الرغيف بقى أمنيّة يرحم جمال عبدالناصر!!
■ ■ ■
فيه ناس بتنهب وتسوِّف
لا يهمّها من عاش أو مات
ورضا العدو عنّا يخِوِّف
معناه أكيد إننا قَفَوات من يوم مامات عبدالناصر!!
■ ■ ■
الأرض رجْعت للإقطاع
وقالوا: «رجعت لصْحابها»
وصاحبَك الفلاح تانى ضاع
ضاعْت العقود واللى كتبها وخط إيد عبدالناصر!
■ ■ ■
أنا أذكُرك من غير ذكرى
والناس بتفتكرك بخشوع
الأمس واليوم ده وبكره
يبكوك بعظمة مش بدموع يكفَى نقول: «عبدالناصر»
■ ■ ■
دلوقت رجعوا الفقرا خلاص
سكنوا جحورهم من تانى
رحل معاك زمن الإخلاص
وِجِهْ زمن غير إنسانى ماهوش زمن عبدالناصر!!
■ ■ ■
صحينا على زمن الألغاز
يحكمنا فيه «أهل الأعمال»
وللعدو.. صدّرنا الغاز
بفرحة وبكل استهبال نكاية فى عبدالناصر!
■ ■ ■
بنمدها بغاز الأجيال
تحويشةِ الزمن القادم
إتوحَّشوا فْ جمع الأموال
ورجعْنا سادة.. وخوادم ضد اتجاه عبدالناصر
■ ■ ■
يا جمال.. نجيب زيك من فين
يا نار.. يا ثورة.. يا ندهِةْ ناى..
البوسطجى.. إللى اسمه «حسين»
- أبوك - منين جابك؟ وإزاى.. عمل جمال عبدالناصر؟!
■ ■ ■
لو حاكتبك.. ما تساع أقلام
ولا كلام غالى وأوراق
الأمر وما فيه.. أنا مشتاق
فقُلتْ امسِّى عليك وأنام نومةْ جمال عبدالناصر!!

الأربعاء، 11 نوفمبر 2009

هذا عتاب الحب للأحباب

لقراءة قصيدة هذى بلاد لم تعد كبلادى
و هذه هى القصيدة الجديدة من
شعر: فاروق جويدة -


«تساءلوا: كيف تقول:
هذى بلاد لم تعد كبلادى؟!
فأجبت:
هذا عتاب الحب للأحباب»

لا تغْضَبـِى من ثـَوْرَتِى.. وعتــابـــى
مازالَ حُّبــــكِ محنتى وعــــــــذابى
مازالتِ فى العين الحزينــــةِ قبلـــــة ً
للعاشقين بسحْـــركِ الخَـــــــــــلاَّبِ
أحببتُ فيكِ العمرَ طفــــلا ً باسمــــًا
جاءَ الحيــاة َ بأطهـر الأثـــــــــوابِ
أحببتُ فيكِ الليلَ حيــــن يضمنـــــــا
دفءُ القلــوبِ.. ورفـْقــَة ُ الأصحابِ



أحببتُ فيـكِ الأم تـَسْكـــُنُ طفلهَــــــا
مهما نأى.. تلقــاهُ بالتــَّـــرْحَـــــابِ
أحببتُ فيكِ الشمسَ تغسلُ شَعْــــرها
عنـدَ الغروبِ بدمعها المُنـْسَــــــابِ
أحببتُ فيكِ النيلَ يجــرى صَاخبــــًا
فـَيَهيمُ رَوْضٌ..فى عنــــَـاق ِ رَوَابِ
أحببتُ فيكِ شموخَ نهــر جامـــــــح ٍ
كم كان يُسكرنــى بــغيـر شَــــرَابِ
أحببتُ فيكِ النيلَ يسْجُــد خاشعِــــــا
لله ربــــًّــــا دون أى حســــــــابِ
أحببتُ فيكِ صلاة َ شعــبٍ مُؤْمــــن
رسمَ الوجـودَ على هُدَى مِحْـــرَابِ



أحببتُ فيكِ زمانَ مجـــدٍ غَابـــــــــر ٍ
ضيَّـعتــِـهِ سفهـــــًا على الأذنـــَـابِ
أحببتُ فِى الشرفـــاء عهدًا باقيــــــًا
وكرهـتُ كلَّ مُقـــــامر ٍ كـــــــذابِ
إِنى أحبــــكِ رغــــــم أَنى عاشــــقٌ
سَئِم الطوافَ.. وضـاق بالأعْـتـابِ
كم طاف قلبى فى رحابـــِـكِ خاشعًا
لم تعرفى الأنـْقـى.. من النـصـــَّابِ
أسرفتُ فى حبــــى.. وأنت بخيلـــــة ٌ
ضيعتِ عمرى.. واسْتـَبَحْتِ شَبَابى
شاخت على عينيكِ أحلامُ الصبـــــا
وتناثرت دمعـــا على الأهــــــــدابِ


من كان أولـَى بالوفاء ؟!.. عصابة َُ
نهبتكِ بالتدليـــــس.. والإرهـــــابِ ؟
أم قلبُ طفـل ذاب فيــــك صبابـــــة ً
ورميتهِ لحمًـــا على الأبــــــــوابِ ؟!
عمر من الأحزان يمـرح بيننــــــــا..
شبحُ يطوف بوجهـــهِ المُرْتــــــــَابِ
لا النيلُ نيلـُكِ.. لا الضفافُ ضفافهُ
حتى نخيلـُك تاهَ فى الأعشـــــــابِ !
باعُوكِ فى صخبِ المزادِ.. ولم أجد
فى صدركِ المهجور غيرَ عـــذابى
قد روَّضُوا النهرَ المكابـِرَ فانحنــــــَى
للغاصبيـــــــن.. وَلاذ بالأغْــــرَابِ



كم جئتُ يحملنى حَنِينٌ جــــــــــارفٌ
فأراكِ.. والجلادُ خلـفَ البَــــــــابِ
تـَتـَرَاقـَصين علـَى الموائـــــد فرحة ً
ودَمِى المراقُ يسيل فى الأنخــــابِ
وأراكِ فى صخب المزاد وليمــــــة ً
يلهو بها الأفـَّاقُ.. والمُتصـــــــابى
قد كنتُ أولى بالحنان ِ.. ولم أجـــــدْ
فى ليلِ صدرك غيرَ ضـوءٍ خــابِ
فى قِمة الهَرَم ِ الحزين ِ عصابـــــة ٌ
ما بين سيفٍ عاجز ٍ.. ومُـــــــرَابِ
يتعَبَّدُون لكــــل نجــــــــم ٍ سَاطِــــع ٍ
فإذا هَوَى صاحُوا: «نذيرَ خَرَابِ»



هرمُ بلون ِالموت ِ.. نيلٌ ساكــــــنٌ
أسْدٌ محنطـــــــــــة ٌبلا أنـْيَــــــــابِ
سافرتُ عنكِ وفى الجوانح وحشــــة ٌ
فالحزنُ كأسِى.. والحَنِينُ شَــرَابى
صوتُ البلابـِل ِغابَ عن أوكــــــاره
لم تعبئى بتشــــــردى.. وغيــــابى
كلُّ الرفاق رأيتـُهـــم فى غربتـــــــى
أطلالَ حُلم.. فى تـِلال ِ تـــــُرَابِ
قد هاجروا حُزْنـًا.. وماتوا لوعـــــة ً
بين الحنين ِ.. وفـُرقةِ الأصحــابِ
بينى وبينك ألفُ ميــــــل ٍ.. بينمـــــــا
أحضانـُك الخضراءُ للأغْــــرَابِ!



تبنين للسفهــــــــاء عشـًّـــــا هادئـــــا
وأنا أموتُ على صقيع شبابــــى !
فى عتمةِ الليل ِ الطويـــل ِ يشــــــدنى
قلبى إليكِ.. أحِنُّ رغم عــــــذابى
أهفو إليك.. وفى عُيُونِكِ أحتمـــــــى
من سجن طاغيةٍ وقصفِ رقــابِ
* * *
هل كان عدلا ً أن حبَّـكِ قاتـــلـــــــى
كيف استبحتِ القتلَ للأحبــــــابِ؟!
ما بين جلادٍ.. وذئــــــــــب حاقــــــدٍ
وعصابةٍ نهبتْ بغير ِ حســــــــابِ
وقوافلٍ للبُؤس ِ ترتـــــــــعُ حولنــــــا
وأنين ِ طفلٍ غاص فى أعصــابى


وحكايةٍ عن قلبِ شيــخ عاجــــــــــٍز
قد مات مصلوبًا على المحـــــرابِ
قد كان يصرخ: «لى إلـــــهٌ واحــدٌ
هو خالق الدنيـا.. وأعلـــمُ ما بى»
ياربِّ سطـَّرت الخلائـــقَ كلهَّـــــــا
وبكل سطـر ٍ أمــــــة ٌ بكتــــــــابِ
الجالسونَ على العروش توحَّشُــوا
ولكل طاغيـةٍ قطيــــــــعُ ذئـــــابِ
قــد قلـــــــتُ:إن الله ربٌّ واحـــــدٌ
صاحوا:»ونحن» كفرتَ بالأرْبَابِ؟
قد مزَّقوا جسدى.. وداسُوا أعظـُمى
ورأيتُ أشلائى على الأبــــــــوابِ
* * *


ماعدتُ أعرفُ أيْنَ تهدأ رحلـتـــى
وبأى أرض ٍ تستريـــح ركـــــَابى
غابت وجوهٌ.. كيفَ أخفتْ سرَّها ؟
هرَبَ السؤالُ.. وعز فيه جوابى
لو أن طيفـَا عاد بعـــد غيــــابــــه
لأرى حقيقة رحلتــــــى ومآبـــــى
لكنه طيفٌ بعيــــــدٌ.. غامـــــضٌ
يأتى إلينــــــا من وراء حجـــــــابِ
رحل الربيعُ.. وسافرت أطيــــارُه
ما عاد يُجدى فى الخريفِ عتــابى
فى آخر المشوار تبدُو صورتـــى
وسْط َ الذئاب بمحنتى وعــــــذابى



ويطل وجهُك خلفَ أمواج ِ الأسى
شمسًا تـُلـَوِّحُ فى وداع ِ سحــــــابِ
هذا زمانٌ خاننى فى غفـــــلــــــةٍ
منى.. وأدْمى بالجحــودِ شبـــــابى
شيَّعتُ أوهامـــى.. وقلتُ لـَعَلـَّنـى
يوما أعودُ لحكمــتـى وصـــــــوابى
كيف ارْتضـــيتُ ضلالَ عَهْدٍ فاجر
وفسادَ طاغيةٍ.. وغـــــــدرَ كِلابِ؟!
ما بين أحـــــلام ٍ تـَوارى سحْــرُها
وبريق ِ عُمر صارَ طيـــفَ سَرَابِ
شاختْ ليالى العُمر منـــى فجـــــأة ً
فى زيف حلم ٍ خــادع كـــــــــذابِ



لم يبق غيرُ الفقر يسْتـُر عَوْرَتـــــى
والفقرُ ملعونٌ بكـــل كِتــــــــــــــابِ
سِربُ النخيل ِعلى الشواطئ ينـْحَنى
وتسيلُ فى فــزع ٍ دِمـــــــاءُ رقاب ِ
ما كان ظنى أن تكونَ نهايتــــــــــى
فى آخر المشـــوار ِ دَمْعَ عتــــــابِ!
ويضيعُ عمرى فى دروبَ مدينتـــى
ما بين نار القهر ِ.. والإرْهـــــابِ
ويكون آخرَ ما يُطلُّ على المــــدى
شعبٌ يُهــــرْولُ فى سوادِ نقـــــابِ
وطنٌ بعَرض ِالكون ِيبـــــدو لعبـــة ً
للوارثين العرشَ بالأنســـــــــــابِ



قـَتـْــــــلاكِ يـــا أمَّ البلادِ تفرقـُــــــوا
وتشردُوا شِيَعًا على الأبْــــــــــوَابِ
رَسَمُوكِ حُلما..ثم ماتـوا وَحشـــــة ً
ما بين ظـُلـْم ِ الأهل ِ.. والأصْحَابِ
لا تخجلى ِ إن جئتُ بابَكِ عاريـــــًا
ورأيتِنى شَبَحــــًا بغيــــــر ثيــــــابِ
يَخْبُو ضياءُ الشمس ِ.. يَصغُر بيننا
ويصيرُ فى عَيْنى.. كعُودِ ثقـــــــــابِ
والريحُ تزأرُ.. والنجومُ شحيحـــــة ٌ
وأنا وراءَ الأفق ِ ضوءُ شهــــــــابِ
غضبٌ بلون العشق ِ.. سخـط ٌ يائسٌ
ونزيفُ عمر ٍ.. فى سُطـُور كتـابِ



رغْمَ انطفاءِ الحُلِم بين عيـــــــــــوننا
سيعودُ فجرُكِ بعدَ طول غيـــــــابِ
فـَلـْترحمى ضعْفِى .. وقلـَّة َ حِيلتــى
هذا عِتابُ الحُبِّ.. للأَحْبـــــــــــابِ

ارحل و عارك فى يديك - فاروق جويدة

كل الذي أخفيته يبدو عليك
فاخلع ثيابك وارتحل
اعتدت أن تمضي أمام الناس
دوما عاريا
فارحل وعارك في يديك
لا تنتظر طفلا يتيما بابتسامته البريئة
أن يقبل وجنتيك
لا تنتظر عصفورة بيضاء
تغفو في ثيابك
ربما سكنت إليك
لا تنتظر أما تطاردها دموع الراحلين
لعلها تبكي عليك
لا تنتظر صفحا جميلا
فالدماء السود مازالت تلوث راحتيك
وعلي يديك دماء شعب آمن
مهما توارت لن يفارق مقلتيك
كل الصغار الضائعين
علي بحار الدم في بغداد صاروا‏..‏
وشم عار في جبينك
كلما أخفيته يبدو عليك
كل الشواهد فوق غزة والجليل
الآن تحمل سخطها الدامي
وتلعن والديك
ماذا تبقي من حشود الموت
في بغداد‏..‏ قل لي
لم يعد شيء لديك
هذي نهايتك الحزينة
بين أطلال الخرائب
والدمار يلف غزة
والليالي السود‏..‏ شاهدة عليك
فارحل وعارك في يديك
الآن ترحل غير مأسوف عليك‏..‏

***‏
ارحل وعارك في يديك
انظر إلي صمت المساجد والمنابر تشتكي
ويصيح في أرجائها شبح الدمار
انظر إلي بغداد تنعي أهلها
ويطوف فيها الموت من دار لدار
الآن ترحل عن ثري بغداد
خلف جنودك القتلي
وعارك أي عار
مهما اعتذرت أمام شعبك
لن يفيدك الاعتذار
ولمن يكون الاعتذار ؟
للأرض‏..‏ للطرقات‏..‏ للأحياء‏..‏ للموتي‏..‏
وللمدن العتيقة‏..‏ للصغار ؟‏!‏
لمواكب التاريخ‏..‏ للأرض الحزينة
للشواطيء‏..‏ للقفار ؟‏!‏
لعيون طفل مات في عينيه ضوء الصبح
واختنق النهار ؟‏!‏
لدموع أم
لم تزل تبكي وحيدا
صار طيفا ساكنا فوق الجدار ؟‏!‏
لمواكب غابت
وأضناها مع الأيام طول الانتظار ؟‏!‏
لمن يكون الاعتذار ؟
لأماكن تبكي علي أطلالها
ومدائن صارت بقايا من غبار ؟‏!‏
لله حين تنام
في قبر وحيدا‏..‏ والجحيم تلال نار ؟‏!!‏

***‏
ارحل وعارك في يديك
لاشيء يبكي في رحيلك‏..‏
رغم أن الناس تبكي عادة عند الرحيل
لاشيء يبدو في وداعك
لا غناء‏..‏ ولادموع‏..‏ ولاصهيل
مالي أري الأشجار صامتة
وأضواء الشوارع أغلقت أحداقها
واستسلمت لليل‏..‏ والصمت الطويل
مالي أري الأنفاس خافتة
ووجه الصبح مكتئبا
وأحلاما بلون الموت
تركض خلف وهم مستحيل
اسمع جنودك
في ثري بغداد ينتحبون في هلع
فهذا قاتل‏..‏ ينعي القتيل‏..‏
جثث الجنود علي المفارق
بين مأجور يعربد
أو مصاب يدفن العلم الذليل
ماذا تركت الآن في بغداد من ذكري
علي وجه الجداول‏..‏
غير دمع كلما اختنقت يسيل
صمت الشواطئ‏..‏ وحشة المدن الحزينة‏..‏
بؤس أطفال صغار
أمهات في الثري الدامي
صراخ‏..‏ أو عويل‏..‏
طفل يفتش في ظلام الليل
عن بيت تواري
يسأل الأطلال في فزع
ولا يجد الدليل
سرب النخيل علي ضفاف النهر يصرخ
هل تري شاهدت يوما‏..‏
غضبة الشطآن من قهر النخيل ؟‏!‏
الآن ترحل عن ثري بغداد
تحمل عارك المسكون
بالنصر المزيف
حلمك الواهي الهزيل‏..‏

***‏
ارحل وعارك في يديك
هذي سفينتك الكئيبة
في سواد الليل ترحل
لا أمان‏..‏ ولا شراع
تمضي وحيدا في خريف العمر‏..‏
لا عرش لديك‏..‏ ولا متاع
لا أهل‏..‏ لا أحباب‏..‏ لا أصحاب
لا سندا‏..‏ ولا أتباع
كل العصابة فارقتك إلي الجحيم
وأنت تنتظر النهاية‏..‏
بعد أن سقط القناع
الكون في عينيك كان مواكبا للشر‏..‏
والدنيا قطيع من رعاع
الأفق يهرب والسفينة تختفي
بين العواصف‏..‏ والقلاع
هذا ضمير الكون يصرخ
والشموع السود تلهث
خلف قافلة الوداع
والدهر يروي قصة السلطان
يكذب‏..‏ ثم يكذب‏..‏ ثم يكذب
ثم يحترف التنطع‏..‏ والبلادة والخداع
هذا مصير الحاكم الكذاب
موت‏..‏ أو سقوط‏..‏ أو ضياع

***‏
ما عاد يجدي‏..‏
أن تعيد عقارب الساعات‏..‏ يوما للوراء
أو تطلب الصفح الجميل‏..‏
وأنت تخفي من حياتك صفحة سوداء
هذا كتابك في يديك فكيف تحلم أن تري‏..‏
عند النهاية صفحة بيضاء
الأمس مات‏..‏
ولن تعيدك للهداية توبة عرجاء
وإذا اغتسلت من الذنوب
فكيف تنجو من دماء الأبرياء
وإذا برئت من الدماء‏..‏ فلن تبرئك السماء
لو سال دمعك ألف عام لن يطهرك البكاء
كل الذي في الأرض
يلعن وجهك المرسوم
من فزع الصغار وصرخة الشهداء
أخطأت حين ظننت يوما
أن في التاريخ أمجادا لبعض الأغبياء‏..‏

***‏
ارحل وعارك في يديك
وجه كئيب
وجهك المنقوش فوق شواهد الموتي
وسكان القبور
أشلاء غزة والدمار سفينة سوداء
تقتحم المفارق والجسور
انظر إلي الأطفال يرتعدون
في صخب الليالي السود‏..‏
والحقد الدفين علي الوجوه
زئير بركان يثور
وجه قبيح وجهك المرصود
من عبث الضلال‏..‏ وأوصياء الزور
لم يبق في بغداد شيء‏..‏
فالرصاص يطل من جثث الشوارع
والردي شبح يدور
حزن المساجد والمنابر تشتكي
صلواتها الخرساء‏..‏
من زمن الضلالة والفجور

***‏
ارحل وعارك في يديك
ما عاد يجدي أن يفيق ضميرك المهزوم
أن تبدي أمام الناس شيئا من ندم
فيداك غارقتان في أنهار دم
شبح الشظايا والمدي قتلي
ووجه الكون أطلال‏..‏ وطفل جائع
من ألف عام لم ينم
جثث النخيل علي الضفاف
وقد تبدل حالها
واستسلمت للموت حزنا‏..‏ والعدم
شطآن غزه كيف شردها الخراب
ومات في أحشائها أحلي نغم
وطن عريق كان أرضا للبطولة‏..‏
صار مأوي للرمم‏!‏
الآن يروي الهاربون من الجحيم
حكاية الذئب الذي أكل الغنم
‏:‏ كان القطيع ينام سكرانا
من النفط المعتق
والعطايا‏..‏ والهدايا‏..‏ والنعم
منذ الأزل
كانوا يسمون العرب
عبدوا العجول‏..‏ وتوجوا الأصنام‏..‏
واسترخت قوافلهم‏..‏ وناموا كالقطيع
وكل قافلة يزينها صنم
يقضون نصف الليل في وكرالبغايا‏..‏
يشربون الوهم في سفح الهرم
الذئب طاف علي الشواطيء
أسكرته روائح الزمن اللقيط
لأمة عرجاء قالوا إنها كانت ـ ورب الناس ـ من خير الأمم‏..‏
يحكون كيف تفرعن الذئب القبيح
فغاص في دم الفرات‏..‏
وهام في نفط الخليج‏..‏
وعاث فيهم وانتقم
سجن الصغار مع الكبار‏..‏
وطارد الأحياء والموتي
وأفتي الناس زورا في الحرم
قد أفسد الذئب اللئيم
طبائع الأيام فينا‏..‏ والذمم
الأمة الخرساء تركع دائما
للغاصبين‏..‏ لكل أفاق حكم
لم يبق شيء للقطيع
سوي الضلالة‏..‏ والكآبة‏..‏ والسأم
أطفال غزه يرسمون علي
ثراها ألف وجه للرحيل‏..‏
وألف وجه للالم
الموت حاصرهم فناموا في القبور
وعانقوا أشلاءهم
لكن صوت الحق فيهم لم ينم
يحكون عن ذئب حقير
أطلق الفئران ليلا في المدينة
ثم اسكره الدمار
مضي سعيدا‏..‏ وابتسم‏..‏
في صمتها تنعي المدينة
أمة غرقت مع الطوفان
واسترخت سنينـا في العدم
يحكون عن زمن النطاعة
عن خيول خانها الفرسان
عن وطن تآكل وانهزم
والراكعون علي الكراسي
يضحكون مع النهاية‏..‏
لا ضمير‏..‏ ولا حياء‏..‏ ولا ندم
الذئب يجلس خلف قلعته المهيبة
يجمع الحراس فيها‏..‏ والخدم
ويطل من عينيه ضوء شاحب
ويري الفضاء مشانقا
سوداء تصفع كل جلاد ظلم
والأمة الخرساء
تروي قصة الذئب الذي خدع القطيع‏..‏
ومارس الفحشاء‏..‏ واغتصب الغنم

***‏
ارحل وعارك في يديك
مازلت تنتظر الجنود العائدين‏..‏
بلا وجوه‏..‏ أو ملامح
صاروا علي وجه الزمان
خريطة صماء تروي‏..‏
ما ارتكبت من المآسي‏..‏ والمذابح
قد كنت تحلم أن تصافحهم
ولكن الشواهد والمقابر لا تصافح
إن كنت ترجو العفو منهم
كيف للأشلاء يوما أن تسامح
بين القبور تطل أسماء‏..‏
وتسري صرخة خرساء
نامت في الجوانح
فرق كبير‏..‏
بين سلطان يتوجه الجلال
وبين سفاح تطارده الفضائح

***‏
الآن ترحل غير مأسوف عليك
في موكب التاريخ سوف يطل وجهك
بين تجار الدمار وعصبة الطغيان
ارحل وسافر‏..‏
في كهوف الصمت والنسيان
فالأرض تنزع من ثراها
كل سلطان تجبر‏..‏ كل وغد خان
الآن تسكر‏..‏ والنبيذ الأسود الملعون
من دمع الضحايا‏..‏ من دم الأكفان
سيطل وجهك دائما
في ساحة الموت الجبان
وتري النهاية رحلة سوداء
سطرها جنون الحقد‏..‏ والعدوان
في كل عصر سوف تبدو قصة
مجهولة العنوان
في كل عهد سوف تبدو صورة
للزيف‏..‏ والتضليل‏..‏ والبهتان
في كل عصر سوف يبدو
وجهك الموصوم بالكذب الرخيص
فكيف ترجو العفو والغفران
قل لي بربك‏..‏
كيف تنجو الآن من هذا الهوان ؟‏!‏
ما أسوأ الإنسان حين يبيع سر الله للشيطان

***‏
في قصرك الريفي‏..‏
سوف يزورك القتلي بلا استئذان
وتري الجنود الراحلين
شريط أحزان علي الجدران
يتدفقون من النوافذ‏..‏ من حقول الموت
أفواجا علي الميدان
يتسللون من الحدائق‏..‏ والفنادق
من جحور الأرض كالطوفان
وتري بقاياهم بكل مكان
ستدور وحدك في جنون
تسأل الناس الأمان
أين المفر وكل ما في الأرض حولك
يعلن العصيان ؟‏!‏
الناس‏..‏ والطرقات‏..‏ والشهداء والقتلي
عويل البحر والشطآن
والآن لا جيش‏..‏ ولا بطش‏..‏ ولا سلطان
وتعود تسأل عن رجالك‏:‏ أين راحوا ؟
كيف فر الأهل‏..‏ والأصحاب‏..‏ والجيران ؟
يرتد صوت الموت يجتاح المدينة
لم يعد أحد من الأعوان
هربوا جميعا‏..‏
بعد أن سرقوا المزاد‏..‏ وكان ما قد كان
ستطل خلف الأفق قافلة من الأحزان
حشد الجنود العائدين علي جناح الموت
أسماء بلا عنوان
صور الضحايا والدماء السود‏..‏
تنزف من مآقيهم بكل مكان
أطلال بغداد الحزينة
صرخة امرأة تقاوم خسة السجان
صوت الشهيد علي روابي القدس‏..‏
يقرأ سورة الرحمن
وعلي امتداد الأفق مئذنة بلون الفجر
في شوق تعانق مريم العذراء
يرتفع الأذان
الوافدون أمام بيتك يرفعون رؤوسهم
وتطل أيديهم من الأكفان
مازلت تسأل عن ديانتهم
وأين الشيخ‏..‏ والقديس‏..‏ والرهبان ؟
هذي أياديهم تصافح بعضها
وتعود ترفع راية العصيان
يتظاهر العربي‏..‏ والغربي
والقبطي والبوذي
ضد مجازر الشيطان
حين استوي في الأرض خلق الله
كان العدل صوت الله في الأديان
فتوحدت في كل شيء صورة الإيمان
وأضاءت الدنيا بنور الحق
في التوراة‏..‏ والإنجيل‏..‏ والقرآن
الله جل جلاله‏..‏ في كل شيء
كرم الإنسان
لا فرق في لون‏..‏ ولا دين
ولا لغة‏..‏ ولا أوطان
‏'‏خلق الإنسان علمه البيان‏'‏
الشمس والقمر البديع
علي سماء الحب يلتقيان
العدل والحق المثابر
والضمير‏..‏ هدي لكل زمان
كل الذي في الكون يقرأ
سورة الإنسان‏..‏
يرسم صورة الإنسان‏..‏
فالله وحدنا‏..‏ وفرق بيننا الطغيان

***‏
فاخلع ثيابك وارتحل
وارحل وعارك في يديك
فالأرض كل الأرض ساخطة عليك
‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

فاروق جويدة

هذى بلاد لم تعد كبلادى - للمبدع فاروق جويدة

قصيدة كتبها فاروق جويدة عندما غرق بعض المصريين على شواطى ايطاليا و هم مهاجرين بطريقة غير شرعية



كم عشتُ أسألُ: أين وجــــــــهُ بــــلادي

أين النخيلُ وأيـن دفءُ الــوادي

لاشيء يبدو في السَّمـَــاءِ أمـامنــــــــــا

غيرُ الظـلام ِوصــورةِ الجــلاد

هو لا يغيبُ عن العيــــــــون ِكأنــــــــه

قدرٌٌ .. كيوم ِ البعــثِ والميــــلادِ

قـَدْ عِشْتُ أصْــــرُخُ بَينـَكـُمْ وأنـَـــــادي

أبْنِي قـُصُورًا مِنْ تِـلال ِ رَمَـــادِ

أهْفـُـو لأرْض ٍلا تـُسـَـــاومُ فـَرْحَتـِــــي

لا تـَسْتِبيحُ كـَرَامَتِي .. وَعِنَــادِي

أشْتـَـاقُ أطـْفـَـــــالا ً كـَحَبــَّاتِ النـَّــــدَي

يتـَرَاقصُونَ مَـعَ الصَّبَاح ِالنـَّادِي

أهْـــفـُــــو لأيـَّـام ٍتـَـوَارَي سِحْــرُهَـــــا

صَخَبِ الجـِيادِ.. وَفرْحَةِ الأعْيادِ

اشْتـَقـْــــتُ يوْمـًا أنْ تـَعـُــودَ بــِــــلادِي

غابَتْ وَغِبْنـَا .. وَانـْتهَتْ ببعَادِي

فِي كـُلِّ نَجْــم ٍ ضَــلَّ حُلـْـــٌم ضَائـِـــــع ٌ

وَسَحَابَــة ٌ لـَبسـَـتْ ثيــَـابَ حِدَادِ

وَعَلـَي الـْمَدَي أسْـرَابُ طـَيــر ٍرَاحِــــل ٍ

نـَسِي الغِنَاءَ فصَارَ سِـْربَ جَرَادِ

هَذِي بِلادٌ تـَاجَـــرَتْ فــِـي عِرْضِهـــَــا

وَتـَفـَـرَّقـَتْ شِيعًا بـِكـُـــلِّ مَـــزَادِ

لـَمْ يبْقَ مِنْ صَخَبِ الـِجيادِ سِوَي الأسَي

تـَاريخُ هَذِي الأرْضِ بَعْضُ جِيادِ

فِي كـُلِّ رُكـْن ٍمِنْ رُبــُــوع بـِـــــلادِي

تـَبْدُو أمَامِي صـُورَة ُالجــَــــلادِ

لـَمَحُوهُ مِنْ زَمَن ٍ يضَاجـِــعُ أرْضَهَـــا

حَمَلـَتْ سِفـَاحًا فـَاسْتبَاحَ الـوَادِي

لـَمْ يبْقَ غَيرُ صـُـرَاخ ِ أمـْــس ٍ رَاحـِـل ٍ

وَمَقـَابـِر ٍ سَئِمَتْ مـِــنَ الأجْـــدَادِ

وَعِصَابَةٍ سَرَقـَتْ نـَزيــفَ عُيـُـونِنـَــــا

بـِالقـَهْر ِ والتـَّدْليـِس ِ.. والأحْقـَادِ

مَا عَادَ فِيهَا ضَوْءُ نـَجْــــم ٍ شـَــــــاردٍ

مَا عَادَ فِيها صَوْتُ طـَير ٍشـَـــادِ

تـَمْضِي بـِنـَا الأحْزَانُ سَاخِــــرَة ًبـِنـَــا

وَتـَزُورُنـَا دَوْمــًا بـِـلا مِيعــَـــادِ

شَيءُ تـَكـَسَّرَ فِي عُيونـِــــي بَعْدَمَـــــا

ضَاقَ الزَّمَانُ بـِثـَوْرَتِي وَعِنَادِي

أحْبَبْتـُهَا حَتـَّي الثـُّمَالـَـــــة َ بَينـَمـَــــــا

بَاعَتْ صِبَاهَا الغـَضَّ للأوْغـَــادِ

لـَمْ يبْقَ فِيها غَيـرُ صُبْــح ٍكـَـــــــاذِبٍ

وَصُرَاخ ِأرْض ٍفي لـَظي اسْتِعْبَادِ

لا تـَسْألوُنـِي عَنْ دُمُـوع بــِــــــلادِي

عَنْ حُزْنِهَا فِي لحْظةِ اسْتِشْهَادِي

فِي كـُلِّ شِبْر ٍ مِنْ ثـَرَاهـَا صَــرْخَـــة ٌ

كـَانـَتْ تـُهَرْولُ خـَلـْفـَنـَا وتـُنَادِي

الأفـْقُ يصْغُرُ .. والسَّمَــاءُ كـَئِيبـَـة ٌ

خـَلـْفَ الغُيوم ِأرَي جـِبَالَ سَـوَادِ

تـَتـَلاطـَمُ الأمْوَاجُ فـَــوْقَ رُؤُوسِنـَــــــا

والرَّيحُ تـُلـْقِي للصُّخُور ِعَتـَادِي

نَامَتْ عَلـَي الأفـُق البَعِيـــدِ مَلامــــــحٌ

وَتـَجَمَّدَتْ بَينَ الصَّقِيـِع أيـــَـــادِ

وَرَفـَعْتُ كـَفـِّي قـَدْ يرَانـِي عَاِبـــــــــرٌ

فرَأيتُ أمِّي فِي ثِيـَــابِ حـِـــــدَادِ

أجْسَادُنـَا كـَانـَتْ تـُعَانـِـــقُ بَعْضَهـَــــا

كـَوَدَاع ِ أحْبَــابٍ بــِــلا مِيعـَــادِ

البَحْرُ لـَمْ يرْحَمْ بَـرَاءَة َعُمْرنـَـــــــــا

تـَتـَزاحَمُ الأجْسَادُ .. فِي الأجْسَادِ

حَتـَّي الشَّهَادَة ُرَاوَغـَتـْنــِي لـَحْظـَــة ً

وَاستيقـَظـَتْ فجْرًا أضَاءَ فـُؤَادي

هَذا قـَمِيـصـِـــي فِيهِ وَجْــــهُ بُنـَيتــِي

وَدُعَاءُ أمي .."كِيسُ"مِلـْح ٍزَادِي

رُدُّوا إلي أمِّي القـَمِيـــصَ فـَقـَـدْ رَأتْ

مَالا أرَي منْ غـُرْبَتِي وَمُـرَادِي

وَطـَنٌ بَخِيلٌ بَاعَنــي فـــــي غفلـــــةٍ

حِينَ اشْترتـْهُ عِصَابَة ُالإفـْسَـــادِ

شَاهَدْتُ مِنْ خـَلـْفِ الحُدُودِ مَوَاكِبــًـا

للجُوع ِتصْرُخُ فِي حِمَي الأسْيادِ

كـَانـَتْ حُشُودُ المَوْتِ تـَمْرَحُ حَوْلـَنـَا

وَالـْعُمْرُ يبْكِي .. وَالـْحَنِينُ ينَادِي

مَا بَينَ عُمْـــــر ٍ فـَرَّ مِنـِّي هَاربـــــًـا

وَحِكايةٍ يزْهـُــو بـِهـَـــا أوْلادِي

عَنْ عَاشِق ٍهَجَرَ البـِلادَ وأهْلـَهـــــــَـــا

وَمَضي وَرَاءَ المَال ِوالأمْجـَـــادِ

كـُلُّ الحِكـَايةِ أنَّهـــَـــا ضَاقـَتْ بـِنـَـــــا

وَاسْتـَسْلـَمَتَ لِلــِّـصِّ والقـَـــوَّادِ!

في لـَحْظـَةٍ سَكـَنَ الوُجُودُ تـَنـَاثـَـــرَتْ

حَوْلِي مَرَايا المَوْتِ والمِيـَـــلادِ

قـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لـَمَحْتُ عـَلـَي الـْمَـدَي

وَالنبْضُ يخْبوُ .. صُورَة ُالجـَلادِ

قـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلـَــــــهُ

وَعَلي امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الوَادِي

وَصَرَخْتُ ..وَالـْكـَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فـَمِي:

هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي